Publié le 06-03-2018

أكثر 400 الف ليبي يواجهون مصير التشرّد

مع أن البلدان الأربعة التي تضمها منطقة المغرب العربي –الجزائر وليبيا والمغرب وتونس- تختلف في أدائها الاقتصادي، فإنها تواجه نفس التحديات الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية.  ويرى كثيرون أن أهم هذه التحديات هي ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب، والحاجة إلى معالجتها بتنمية القطاع الخاص من أجل تهيئة المزيد من فرص العمل وتحسين نوعيتها.



أكثر 400 الف ليبي يواجهون مصير التشرّد

فالجزائربلد يبلغ عدد سكانه نحو 39.7 مليون نسمة، ويُمكِن تدبُّر مشكلاته الاقتصادية بسهولة، بالنظر إلى كِبَر مساحته، ووضعه كمنتج للنفط. وبلغ المعدل الرسمي للفقر في الجزائر 5.5% في عام 2011، والتي تعتبر أحدث بيانات المتاحة . إن معدل الفقر المدقع بين مجموع السكان في الجزائر كان أقل من ذلك، إذ بلغ 0.5%. ومع ذلك، فإن نحو 10% من سكان الجزائر –أو قرابة أربعة ملايين نسمة - يعتبرون مُعرَّضين لخطر السقوط مرة أخرى في براثن الفقر إذا اشتدت عليهم الظروف.

وقد تلعب البطالة في الجزائر هذا الدور مُتسبِّبةً في تدهور أحوال الناس، فقد  بلغت أرقاماً قياسية في عام 2015، ولم يُرصَد تغير في النصف الأول من عام 2016 في مستويات البطالة المرتفعة بين النساء (16.6%) أو الشباب (29.9%).

ويعيش قرابة 75% من فقراء الجزائر في مناطق حضرية، ويشتغلون بوظائف في القطاع غير الرسمي أو يعتمدون على الزراعة ، إن التفاوتات بين المناطق تعني أن معدل الفقر بين مَنْ يعيشون في الصحراء الكبرى بالجزائر يبلغ مثلي المتوسط الوطني، وثلاثة أمثال بين من يعيشون في السهول.

وتجعل كل هذه العوامل واقترانها بهبوط أسعار النفط من معالجة التفاوتات في الجزائر تحدياً عسيراً. إن التفاوت في معدلات الاستهلاك مرتفعة في الجزائر، مع وجود فجوة تقدر بحوالي 27.7٪ بين الأغنياء والفقراء.

وتُعتَبر معالجة التفاوتات وسيلة حيوية لبلوغ الهدف العالمي: إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030. وأفاد تقرير جديد للبنك الدولي عنوانه التصدي للتفاوتاتأن التفاوت الاقتصادي بين الناس في مختلف أرجاء العالم يتناقص منذ عام 1990. بيد أنه منذ عام 2008، في مقابل كل بلد اتسعت فيه فجوة التفاوت، ضاقت هذه الفجوة في  بلدان أخرى.

وفي ليبيا، أصبحت نسبة كبيرة من السكان الذين كانوا في وقت من الأوقات يتمتعون بالحماية بفضل سخاء الدولة على شفا السقوط في براثن الفقر بفعل هبوط أسعار النفط، وتعطُّل إنتاج النفط، والجمود السياسي، والصراع الشامل الذي يعصف بالبلاد

ولم تتوفَّر إحصاءات رسمية عن بعض السنوات، لكن تقريراً للأمم المتحدة في الآونة الأخيرة ذهب إلى تقدير أنه بحلول منتصف عام 2016، كان ما يصل إلى 435 ألف شخص في ليبيا قد أصبحوا مُشرَّدين، ونحو 1.3 مليون يفتقرون للأمن الغذائي، وأكثر من ثلث سكان البالغ عددهم 6.3 مليون نسمة يحتاجون إلى شكل ما من المساعدات الإنسانية، أي نحو 2.4 مليون شخص.

ويُنظَر إلى معدلات البطالة المرتفعة على أن لها دورا في عدم الاستقرار السائد حاليا، وفي احتمالات عودة السلام إلى ليبيا. وفي نهاية المطاف، يجب أن تفسح المساعدات القصيرة الأجل المجال لجهود زيادة فعالية جهاز الخدمة المدنية والقطاع العام، وكذلك تطوير القطاع الخاص وتنويع أنشطته لتمكينه من خلق وظائف جديدة.

وعادة ما يتم تقسيم معدلات الفقر إلى الفقر "المعتدل"، حيث يعيش الفقراء على أقل من 3.1 دولار في يوم، والفقر "المدقع"، والذي يعيش الفقراء فيه على أقل من 1.9 دولار في اليوم.

وفي المغرب، ساعد النمو الاقتصادي على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية على نزول معدل الفقر الكلي من 8.9% بين السكان البالغ عددهم 34.4 مليون نسمة في عام 2007 إلى 4.2% في 2014. لكن على الرغم من أن معدل الفقراء  والذين يعيشون على أقل من 1.9 دولار يومياً لعام 2011 إنخفض نسبيا إذ بلغ 3.1% فإن ما نسبته 15.5٪ من الأشحاص يعيشون على 3.1 $ دولار أمريكي لا يزال مرتفعا .  وقرابة 19% من سكان الريف الذين يعتمدون على الزراعة في المغرب مازالوا يعيشون في فقر أو معرضون للسقوط في براثنه. ويُعتقد أن معدلات الفقر هذه من غير المحتمل أن تتغيَّر مادام النمو الاقتصادي ضعيفاً، وما بقيت التفاوتات الاقتصادية داخل البلاد، حيث تتسم بعض المناطق بأنها أقل نموا من المناطق الأخرى وكما هو الحال في بقية أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن معدل البطالة الكلي في المغرب مرتفع، إذ يبلغ 9%، وأعلى بدرجة ملحوظة بين الشباب في المناطق الحضرية 38.8% في يونيو/حزيران 2016. وقد يتوقف نجاح الإستراتيجية الوطنية لخلق 200 ألف وظيفة سنوياً على تنفيذ إصلاحات لجعل سوق العمل مواتية لمتطلبات القطاع الخاص بدرجة أكبر وتهدف الإستراتيجية الجديدة إلى خفض معدل البطالة الكلية في المغرب إلى 3.9% في غضون عشرة أعوام.

وفي الوقت نفسه، لم تنشر تونس إحصاءات رسمية للفقر منذ عام 2010، لكن توقعات البنك الدولي تُظهِر أن معدل الفقر زاد بعد ثورة 2011 قبل أن يعود إلى مستويات ما قبل الثورة في 2012. وفي الفترة 2013-2016، ظلت نسبة التونسيين الذين يعيشون في فقر مدقع أو أقل من 1.9 دولار يوميا ثابتة عند 1.9%، لكن من المحتمل أن تتراجع قليلا إلى 1.5% بحلول عام 2018. وأي نمو اقتصادي يتحقَّق يجب أن يكون مُوزَّعا توزيعا جيدا بين مختلف الأجيال ومناطق البلاد حتى يساعد على إحداث تراجع أكبر في معدلات الفقر. وبشكل أكثر إيجابية، انخفض قليلا معدل انتشار الفقر المعتدل –أو نسبة السكان الذين يعيشون على أقل من 3.1 دولار يوميا- من 8.3% من مجموع سكان تونس البالغ عددهم 11.1 مليون نسمة في عام 2013 إلى 7.9% في 2015. ويتوقع أن يستمر هذا التراجع، ولكن ليس بنفس القدر، ليصل معدل الفقر المعتدل إلى 6.7% في عام 2018. ومما يبعث على الأسف بالنسبة لتونس، أنه على الرغم من أن شبابها يتمتعون بحظ وافر من التعليم، فإن معدلات البطالة مرتفعة، لاسيما بين النساء (22%)، وحديثي التخرُّج من الجامعة (31.2%)، والمنقطعين عن الدراسة والشباب الآخرين (31.8%). ويعدّ تحقيق التكافؤ في الحصول على الفرص الاقتصادية من أولويات الحكومة الجديدة لتونس، كما هو الحال في أنحاء المنطقة. وهذا أمر بالغ الأهمية لاستغلال الإمكانيات الهائلة لشريحة الشباب الكبيرة بين سكان المنطقة الذين يمكن أن تكون طاقاتهم وإبداعهم قاطرةً للنمو.

تقرير البنك الدولي



Dans la même catégorie