2018-03-06 نشرت في
عدل إشهاد يعلق على زواج القاصر من مغتصبها في الكاف: علم على رأسه نار
إن ما صدر مؤخرا بخصوص الإذن القضائي الصادر عن رئيس المحكمة الإبتدائية بالكاف والقاضي بالإذن بإبرام عقد زواج قاصر سنها ثلاثة عشر سنة من المتهم بمواقعة قاصر وما سال بخصوصه من حبر من المختصين في القانون أو من غيرهم دفع عدل الإشهاد إلى تناول الموضوع بزاويتيه القانونية والإجتماعية
: لمزيد الغوص في غمار هذه المعضلة القانونية،اتصلت تونسكوب بالأستاذ طارق الجلاصي. عدل اشهاد ورئيس الغرفة الجهوية لعدول الاشهاد وبنزرت وعضو الجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد. فأجابنا بما يلي

وحيث بعد الإطلاع على الفصول عدد 6 و 7 من مجلة الإلتزامات والعقود والفصول 6 و 153 وما يليها من مجلة الاحوال الشخصية وعلى مجلة حقوق الطفل والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل استنتجنا سؤالا من الاهمية بمكان مفاده أن الإذن بزواج القاصر التي سنها دون سبعة عشر سنة كاملة يرشدها ترشيدا قانونيا تاما في حين ان التي سنها دون ما ذكر تبقى مقيدة في تصرفاتها القانونية كما نص على ذلك الفصان 158 الذي ينص على أنه :" يمكن للحاكم ترشيد الصغير ترشيدا مقيدا أو مطلقا كما يمكن له الرجوع في هذا الترشيد إن قام لديه موجب في ذلك.
وتصرفات الصغير المرشد في حدود ترشيده تكون نافذة صحيحة" و عدد 159 الذي ينص على أنه :" لا يمكن ترشيد الصغير إذا لم يتم الخامسة عشرة." وطالما أن الطفلة المأذون بإبرام عقد زواجها لم تبلغ بعد سن الخامسة عشر بل هي دون ذلك بكثير إذ ورد أن سنها ثلاثة عشر سنة فإن الإذن بإبرام عقد زواجها ولئن أصبح للزوج معاشرتها كما لو كان سنها من الراشدات ويعاملها بما أوجب عليها القانون من شروط الإلتزامات الزوجية تجاه زوجها وأبنائها وعائلتها فكيف له بعد أن أذن بتزويجها أن يقنعنا بأنها لا تحتاج إلى إذن خاص صادر منه في كل مرة أرادت ممارسة حياتها الطبيعية على نحو أن تشاهد شريطا سنمائيا معروضا بإحدى قاعات العرض العمومية بالجمهورية ولكن مضمن بلافتته الإعلانية أنه ممنوع على من سنهم دون السادسة عشر سنة ، أو لنفرض أن زوجها دخل يوما عليها فوجدها تشاهد التلفاز وتتابع أحد البرامج التي كتب عليها ممنوع على من سنهم دون السادسة عشر سنة فهل يمكن له أن يطبق عليها ما جاء بمجلة الطفل التونسية حتما أن ما ذهب إليه من اذن بإبرام عقد الزواج خفي عنه أن تأتيه يوما طالبة منه حمايتها في أن تعامل معاملة من لم تفهم بعد هل أنها راشدة أم ليس بعد وحتما ستجد الرفض في الإذن لها بتحقيق ما تصبو إليه والحال أنه أذن لها بأن يمارس عليها الفعل الذي تحرم من رؤيته أو مجرد الحديث عنه ولو بأسلوب علمي أو ثقافي بتعلة أنها غير راشدة ولكن عليها أن تقبل بوضع المفعول بها لمجرد كونها وقعت حمايتها من أجل المحافظة على الرابط الأسري الاكبر وحماية حقوق عائلتها الكبرى والتضحية الفردية من اجل المجموعة الوطنية واجب مقدس.
كما أوجب الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية التونسية أن لا تنفك الرابطة الزوجية إلا بعد سنتين من تاريخ حصول الدخول ، ولئن ليس المجال لمناقشة معنى الدخول وتفسيره وما جاء بقرارات محكمة التعقيب بخصوصه فإن افتراض وقوع حل عقد الزواج بعد مضي سنتين لأحد الأسباب الواقعية من تصرفات الطفلة تجاه زوجها بخصوص تحقيق الواجبات المحمولة عليها فمنطوق الفصل 23 من مجلة الاحوال الشخصية بكامل مقوماته والذي قد يكون سببا جديا لوقوع الطلاق بينهما فتصبح الطفلة من جديد وسنها بالكاد يفوق الخمسة عشر سنة مطلقة وام لإبن سنه يفوق السنة والقول بهذا الإفتراض قريب جدا من الواقع إذ أن إبرام عقد الزواج في الأصل كان للتفصي من التتبعات القضائية وخاصة ما يمكن أن ينجم عنه محققا من قضاء عقوبة بدنية بالسجن تصل إلى حد الستة سنوات كاملة فهل سيقال لها حينها بأن قضاء أخف وألطف من قضاء على حد تعبير المجتمع التونسي وتنعت بكونها مطلقة فيكفيها هذا أذية قول المجتمع بخصوصها والحال أنها ما تزال طفلة وتنتظرها ثلاث سنوات عجاف حتى تقرر مصيرها يوم بلوغها سن الرشد القانوني.
يجب على المشرع التونسي مراجعة جملة من الأحكام المتعلقة بمثل هذه القضايا. وقد يطرح علينا سؤال كما طرحه جملة من الحقوقيين بخصوص تكييف عقد الزواج هذا هل أنه عقد صحيح أم هو عقد باطل وهل يمكن للنيابة العمومية بمجرد إثارتها للدعوى العمومية وفتح الأبحاث والتحقيقات المطلوبة بخصوص ملف القضية أن يعلق عقد الزواج عن إنتاج مفعوله القانوني بما هو مؤسس لمؤسسة قانونية متكاملة ومتشابكة تلقي بضلالها على نسب الإبن وتعلقه بحقوق النسب والميراث وموانع الزواج كما تلقي بضلالها على مؤسسة الطفل والذي هو في الواقع في هذه الحالة هما طفلان سوية الإبن وأمه بخصوص الحضانة أو حتى الكفالة وجملة من الحقوق الأخرى وقد يرى البعض أن هنالك حجية للجزائي على المدني وفي رأيي الأخذ بهذا القول يستقيم متى وقفنا عن إصدار الإذن من عدمه أو تنفيذ الإذن بالزواج من عدمه ولكن طالما وقع إبرام عقد الزواج فالقول بهذه الحجية يصبح أمرا مستحيلا ويبقى فقط من أنظار المحاكم العدلية النظر في مدى توفر أركان عقد الزواج والإرادة وجميع ما يحيط بالعقد ذاته في قضية عنوانها إبطال عقد الزواج بالرغم من أن الامر من الصعوبة القانونية بمكان وكان بالإمكان تلافي مثل هذه الوقائع من خلال النظر بجدية في ملابسات إصدار الإذن في حد ذاته فهل أن القاضي كان له التكوين السليم لإصدار مثل هذه الأعمال الولائية وهل كان متمتعا بالحماية المطلوبة لمارسة سلطته القضائية بكامل معايير العدل والإنصاف التي تقتضيها روح السلطة القضائية .
ستكون حتما هذه القضية مرجعا يدرس في كليات الحقوق وقد يكون سببا لتطوير وتنقيح التشريع ولقد يقضى ببطلان العقد من أصله ولكنه حتما سيبقى وصمة في جبين من أصدر مثل هذا الإذن تحت أي تعلة كانت ومهما كان الظرف المحيط بإصداره فالبنت ستبقى طفلة من ساعتها إلى خمس سنوات أخرى وما هو مصيرها ومصير من ستربيه وتبعث به إلى الدنيا فيجد نفسه منذ الوهلة الاولى علم على رأسه نار